0

الخطر الحقيقي الذي يتهدد العالم هو اتساع رقعه الفقر والجوع واشتداد حدته والذي تقدره منظمه الفاو بما يزيد علي المليار وعشرين مليون انسان وعلى سبيل المثال انضم في العام المضي فقط ما يقارب مائه مليون انسان الى قائمه الجوعى في العالم مما دفع بالمديرة التنفيذيه لبرنامج الاغذيه العالمي للقول ( ان الموكب المتسارع لحجافل الجوع يثير ازمه انسانيه هائله فعلى العالم ان يحشد جهوده معا لضمان تلبيه احتياجات الطوارئ العاجله في الوقت الذي تطرح فيه الحلول لمواجهة الازمه على المدى الطويل ).
أظهر تقرير صادر عن الامم المتحدة أن أكثر من 2,2 مليار شخص يعانون الفقر أوعلى شفير الفقر في العالم، وهو عدد مرشح للازدياد بفعل الازمات المالية والكوارث الطبيعية.
واشار التقرير الذي اعده برنامج الامم المتحدة للتنمية (يو ان دي بي) للعام 2014 ونشره في طوكيو إلى أن أسعار المواد الغذائية والنزاعات العنيفة تمثل أسبابا لتفاقم آفة الفقر في العالم.
وعلى الرغم من تراجع الفقر على مستوى العالم، الا أن المنظمة الدولية حذرت من اللاعدالة المتزايدة في توزيع الثروات اضافة الى "مكامن ضعف بنيوية" تمثل بحسب هذه الوكالة الأممية تهديدات جدية في مكافحة آفة الفقر.
ولفتت المنظمة الدولية المتخصصة في تقريرها الصادر بعنوان "التقدم البشري المستدام: تقليص مكامن الضعف وبناء المقاومة"، إلى أن "القضاء على الفقر المدقع ليس فقط الوصول الى مستوى معدوم (لمعدلات الفقر)، بل يجب المحافظة على هذا المستوى".
واضاف التقرير "يجب تحديدا حماية الاشخاص المهددين بالكوارث الطبيعية والتغير المناخي او الصدمات المالية. كما ان وضع تقليص مكامن الضعف هذه في صلب برنامج عملنا التنموي يمثل الوسيلة الوحيدة للتثبت من ان التقدم المحرز قابل للاستمرار ومستدام".
واوضح تقرير الامم المتحدة ان "توفير حماية اجتماعية اساسية لفقراء العالم اجمع يكلف اقل من 2 % من اجمالي الناتج المحلي العالمي". وشدد التقرير على ان توفير "حماية اجتماعية اساسية امر ممكن بحال قيام البلدان ذي المداخيل الضعيفة بإعادة توزيع الاصول وزيادة مواردها الداخلية، وذلك بدعم من مجموعة المانحين الدوليين"، مشيرا الى ان حوالى 1,2 مليار شخص يعيشون مع ما يوازي 1,25 دولار او اقل في اليوم.
واعتبر التقرير ان حوالى 1,5 مليون شخص يعيشون في الفقر، يتوزعون على 91 بلدا ناميا، و800 مليون اخرين باتوا على شفير الفقر. كذلك أكد تقرير برنامج الامم المتحدة للتنمية ان البطالة غالبا ما تترافق مع ازدياد معدلات الجريمة والعنف وتعاطي المخدرات والانتحار. وكتبت رئيسة برنامج الامم المتحدة للتنمية، هيلين كلارك، في مقدمة التقرير انه "من خلال معالجة مكامن الضعف هذه، سيتمكن العالم اجمع من تشارك التقدم وستصبح التنمية اكثر عدالة واستدامة".


‬آفة الفقر والجوع ليست قضية تحرير أو طغيان،‮ ‬إنّما هي مسألة حياة أو موت، لا‮ ‬يمكن تأجيلها أو‮ ‬غضّ‮ ‬الطرف عنها‮ في أي مجتمع كان. ‬فإن استشرت في حضرة البطالة و انتشار الميز بين طبقات المجتمع و تفاوتات مستويات الدخل به،‮ ‬تسلّل الفساد إليه ورافقته الجريمة، لإنّ‮ ‬الجائع في‮ ‬سعيه إلى توفير احتياجاته،‮ ‬قد‮ ‬يلجأ إلى أي‮ ‬تصرّف سلبي‮ ‬دون اعتبار للعواقب، أو التّفكير بأيّ‮ ‬أمر آخر مهما بدا سامياً‮ ‬وذا قيمة وقدسية‮، ‬فالجوع لا‮ ‬يعترف بقيم أو مبادئ وليس له دين، و هو "كافر" كما يقول المغاربة . 
كم هي كثيرة‮ القضايا التي ‬يواجهها المواطن المغربي المغلوب على أمره، فيصمت عنها أويتجاهلها، وقد لا يعيرها اهتماما، رغم ضجيج الأنباء الواردة عنها من كل حدب وصوب. فلا يهتم بالانتخابات الأمريكية وفوز أوباما بالرئاسة رغم أنه أسود ومن جذور افريقية، ولا يحسب للشأن النووي‮ ‬الإيراني‮ والتفجيرات العشوائية في‮ ‬العراق وأفغانستان أي حساب، كما أنه لن يكترث لعمليات الاختطاف في‮ ‬مصر، و تزايد نشاط قراصنة سواحل الصومالية، ولا حتى ما يشهده العالم اليوم من زلازال‮ ‬اقتصادية و إنهيارات في الأسواق المالية‮ التي ‬اهتزّت لها معظم الدّول‮ ‬فأدّت إلى ارتفاع مهول في‮ ‬الأسعار،‮ ‬نتجت عنها بالضرورة إختلالات خطيرة. إن ما يهم المواطن المغربي، هو توفير "كسرة" خبز وحيطان تقيه شر الحر و القر. أما حمايته و دويه من انخفاض مستويات المعيشة كما هو منصوص عليها في إعلانات الأمم المتحدة العالمي‮ ‬لحقوق الإنسان الذي صادقت كافة أقطار العالم والمغرب من بينها والتي تنص المادة 52 منها على أنه: ‬""لكل شخص الحق في‮ ‬مستوى معيشة‮ ‬يكفى لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته بما في‮ ‬ذلك الحق في‮ ‬المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية‮.. فتلك أمور يتركها لمن تحملوا أمانة أمور الناس من الساسة والحكام. فما يهمه من كل الهرج والمرج المحيط به، هو حلمه بعدالة اجتماعية حقيقية توفر له ولأبنائه أساسيات الحياة من تعليم وصحة ‬وشغل، وتحفظ حياته وكرامته في‮ ‬المجتمع،‮ ‬وتمكن كل الفقراء من الحصول على الغذاء الصحي‮ الكافي ‬لهم و لذويهم. الشيء الذي لن يتأتى إلا بتدخل الدولة لدعم السلع الأساسية لتكون في‮ ‬متناول الشرائح الاجتماعية المعوزة والفقيرة‮ دون غيرها من الميسورين الذين مَنٌ عليهم الوطن الكريم من ريع صناديقه الكبيرة العامرة، كصندوق المقاصة الذي يطبق المثل المغربي "زيد الشحمة في المعلوف"..
‮الخوف كل الخوف ‬يكمن في‮ ‬تجاهل القائمين على الأمور، دورالعدالة الاجتماعية وتليل من خطورة العلاقة بينها وبين الاستقرار السياسي‮، تلك ‬العلاقة الطرديه، التي كلما حافظ نظام ما، كان الاستقرار السياسي‮ ‬من نصيبه، وأسهم ذاك الاستقرار في‮ ‬توفير الأمن الاقتصادي والاجتماعي،‮ ‬وقد بات معلوماً‮ ‬أنّ‮ ‬الأمن الاقتصادي‮ ‬والأمن الأمني‮ ‬متلازمان، فكلما‮ ‬غابا بسبب غياب العدالة كثرت الإحتجاجات التي غالبا ما تتحول في المجتمعات المتخلفة إلى انفلاتات و ثورات يصعب ردعها. فالخطر يزداد كلما ازداد عدد الأفواه التي تبحث عن اللقمة، وغياب العدالة‮ ‬يؤدى إلى العنف والى منطق خذ حقك بيدك؛ وتدارك الأمور قبل تفاقمها أصبح من أوجب واجبات حكومتنا الموقرة وكل سياسينا والبرلمانيين المحترمين، بالعمل على معالجة أسباب الفقر ومسبباته، بدل صناعة الوهم و انتظار فرض العقوبات لاحقاً‮. فالوعود الوهمية زائد العقوبات هي أكثر خطراً من القنابل النووية الإيرانية التي تخيف الغرب رغم قوته.. 
الحق في التغذية، والحق في العيش الكريم، يعدان من أهم الحقوق الإنسانية، كونهما يشكلان مدخلا لحماية كرامة الإنسان وحقه في الحياة. فليس إذن من باب الصدفة أن تندرج محاربة الفقر في طليعة أهداف الألفية من أجل التنمية، التي التزمت خلالها الدول، وضمنها المغرب، بالتخفيض من معدل الفقر بنسبة 50% خلال الفترة الممتدة بين 1990 و2015 سواء تعلق الأمر بالفقر المطلق، أو بالفقر النسبي أو بالهشاشة. فقراؤنا كما فقراء العالم، لا يؤمنون بأن يوما مشتقا من معاناتهم، يسمى "اليوم العالمي لمكافحة الفقر" و المحتفل به من أجلهم في الـ 17 أكتوبر من كل سنة - يمكنه القضاء على الفقر أو التقليص من مساحة مشاكل الفقراء الاقتصادية، التي تغرق وسط خوف و تخويف رهيب للناس من خطر أزمة فقر قادمة قد لا يسلم فقراء اليوم من تأثيرها. أزمة مختلفة عن كل الأزمات المالية العالمية التي عرفها العالم مند قرون.
ورغم التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدته البشرية، ورغم ارتفاع وتائر الإنتاج العالمي بشكل غير مسبوق، والتطور الاقتصادي المذهل الذي أصاب حياة ملايين البشر، ورغم ما حصل بالمغرب من تقدم خلال الأعوام الأخيرة في مجال ووسائل محاربة ظاهرة الفقر، فإن القضاء على هذه المعضلة، أو التقليص من مساحته، تحقيقا لأهداف الألفية الثالثة، يبقى حلما بعيد المنال، إذ لازال الفقر بجميع أشكاله يشمل قرابة 40% من سكانة المغرب، و يمس الأرياف أكثر من المدن. و يزحف إلى أعداد كبيرة من الطبقة المتوسطة التي كانت عماد المجتمع وعصبُه، مما يهدد المجتمع بأسره.
بمساهمة ا ف ب

إرسال تعليق

 
Top